حرب الانترنت.. ستدمر الولايات المتحدة في 15 دقيقة ..؟!!.
بقلم : بيزيد يوسف
لم أستغرب كثيرا ما قرأته مؤخرا بعد محاولة إرهابية أخرى جديدة حدثت في الولايات المتحدة و لكنها أحبطت بعد العثور على سيارة مفخخة في - تايمز سكويرفي نيويورك - من تحذير للمستشار السابق للبيت الأبيض لمكافحة الإرهاب ريتشارد كلارك يوم السبت 18 ماي من أن الولايات المتحدة قد تتعرض لهجوم الكتروني يدمرها في ظرف 15 دقيقة ، و في كتاب له نشرت صحيفة -الديلي تلغراف - مقتطفات منه بعنوان الحرب الالكترونية التهديد الأمني المقبل ، قال كلارك أن خدمة الانترنت عندما تتعرض للتشويش فإن احتمالات كارثية قد تحصل مثل اندلاع النيران و الانفجاريات في مصاف في فيلادلفيا و هيوستن و تعطل المصانع الكيماوية و انتشار غيوم من غاز الكلورالقاتل في الجو و احتمالات عمليات اصطدام للطائرات في الجو و تحطم فطارت الأنفاق في نيويورك و واشنطن و لوس انجلس و سيعم الظلام في أكثر من مدينة أمريكية و سيموت عشرات الآلاف من الأمريكيين في هجوم لا يختلف عن الهجوم النووي و يمكن أن يحدث ذلك في 15 دقيقة و على يد إرهابي واحد فقط.
مضيفا أن الولايات المتحدة أدخلت الانترنت في جميع المجالات الصناعية إلى حد الخطورة في الاعتماد عليها ، مما جعل من الصعوبة الوقوف في وجه أي هجوم مؤكدا أن إدارة أوباما أخفقت في إيجاد سياسة بديلة لذلك، و حسب قوله فإن الجيش الأمريكي لم يدشن لحد الآن مركز القيادة الالكترونية نظرا للخلافات بشان دور الأجهزة في حين أن حوالي ثلاثين دولة أقامت إدارات لمثل هذه الأجهزة –أو ما يطلق عليه قدرات الحرب الالكترونية الهجومية – التي تهدف إلى زرع مختلف أنواع الفيروسات الالكترونية في منشآت الأساسية مثل الجيش و الأنظمة المالية للدول الأخرى . و لذا حسب ما ذكرته الصحيفة فإن الولايات المتحدة أكثر هشاشة من روسيا و الصين و حتى كوريا الشمالية و هذه الدول أقل اعتمادا على الانترنت ..
و حديث كلارك هذا عن هذا النوع من الحرب و الذي قد يبدو مستبعدا بالنسبة للبعض لكنه بالنسبة لبعض الدول أضحى جديا حيث أخذت له الحسبان ، يجرنا للحديث عن مفهوم و أبعاد هذه الحرب و آثارها
فمفهوم الحرب الالكترونية الموجودة حالبا في قطاعات الجيوش هو تحديد الهدف جغرافيا بتقنيات الكترونية ثم تدميره ، لكن الحرب المعلوماتية هي حرب من نوع آخر لأن ميدان المعركة هو العالم برمته ، و تقنياته فضاء الانترنت و شبكاتها بكل إرهاصاته .
يرجع تاريخ أول معركة الكترونية للعام 1904 بين اليابان و روسيا ، ففي 15 أفريل عام 1904 تمكنت محطات الخدمات البرقية في بورت آرثر المرفأ الروسي الذي تحاصره القوات البحري اليابانية من شن هجوم الكتروني أدى إلى قطع الاتصالات اللاسلكية بين السفن اليابانية التي كانت تقصف المرفأ و ذلك بإرسال إشارة كهرطيسية باتجاه هوائيات تلك السفن أدت إلى تشويش الطيف الكهرطيسي الذي يحيط بتلك السفن ، و هذه أول معركة الكترونية .
وفد تلجأ بعض الدول في حروبها العسكرية إلى استخدام القنبلة الالكترونية أو ما يطلق عليه القنبلة E و التي تؤدي إلى إرسال شحنة كهوميغناطيسية عالية تدمر محيط بضعة كليومترات من الاتصالات بين القيادات و الوحدات ، سواء عموديا بين القيادات أو أفقيا بين الوحدات و بالتالي السيطرة على مراكز القيادة .
و قد تطورت وسائل الاتصالات و المعلومات إلى درجة أذهلت العالم ، و كان من أبرز الاختراعات الانترنت و كان الهدف منها في الستينات من القرن العشرين في ظل الحرب الباردة ضمان الاتصالات أمريكيا في حال التعرض لهجوم سوفياتي محتمل أو وشيك و حتى من قبل الصين أو أي دولة أخرى ، و كانت الانترنت تخص البانتغون و عسكرية بأتم معنى الكلمة ، و لكنها الآن تغيرت كثيرا بعد أن عممت الانترنت و أصبحت تشهد معارك تجارية و معارك فرصنة الكترونية و تغيرت معادلة القوى فيها ، و لكن الحرب تبقى هي الحرب إنها تدمير العدو بكل الطرق و الوسائل و أصبحت ليست فحسب ثنائية الأطراف بل متعددة و تعتمد على التكنولوجيا و المهارات و القدرات العلمية العالية و تقنيات الكمبيوتر و الثروة المعلوماتية ، و تصنف الحروب المعلوماتية على الشكل التالي :
1- قرصنة مواقع الشبكة أي شن هجوم أو محو صفحات أو السيطرة على الموقع و التحكم به
2- السيطرة على أنظمة الكمبيوتر و جعلها تابعة يتحكم بها و تشغل دون علم أصحابها لغايات إجرامية أو تجارية.
3-نشر برامج الدعاية و إرسالها إلى المشتركين بالانترنت دون موافقتهم.
4- نشر برامج التجسس التي تعيد إرسال المعلومات الخاصة بالنشاط الذي يقوم به الكمبيوتر المصاب به .
5-رسائل البريد الالكتروني الناقل SPAM للقيام بأعمال مزعجة أو ممارسة عمليات اختلاس.
و جمع البيانات السرية للاطلاع عليها أو تعديلها من أجل خداع العدو صاحب هذه البيانات .
6- الهجمات الموزعة لمنع هذه الخدمات أي شن هجوم مكثف بعدة أنظمة كمبيوترية موجهة إلى عدة مواقع في بلد معاد .
7- تعطيل المعدات إذ يتم السعي إلى تعطيل الأنظمة الالكترونية من أجهزة كمبيوتر أو أقمار صناعية . و مهاجمة الشبكات و الأنظمة الكمبيوترية الخاصة بالبنى التحتية الأساسية لخدمات الماء و الكهرباء و الاتصالات ، إذ يتم تعطيلها ، و لعلّ هذه النقطة التي تكلم عنها المستشار الأمريكي ريتشارد كلارك في معرض حديثه عن هجوم محتمل على الولايات المتحدة الكترونيا .
8- التجسس على الأنظمة الرقمية التي يستعملها العدو بوساطة شرائح أو برمجيات تكون مزروعة في هذه الأجهزة فيكون من الممكن تعطيلها أو الاستفادة من معلوماتها
9- التعرض لوسائط نقل البيانات و نشرها عبر الشبكة على شكل مباشر
أن ما يميز هذه الحرب على أنها حرب قرصنة كما يمكنها أن تدمر بنية و قاعدة البيانات و حتى الأجهزة المرتبطة بها عن بعد ، و تجري فعلا حرب رقمية بين الدول الغربية ، فقد تعرضت بعض مواقع المقاومة لهجومات مباشرة و كذلك بعض المواقع السورية الرسمية في أثناء انعقاد قمة الجامعة العربية بها ، كما يستطيع الهايكرز التحكم في مواقع و تدميرها مثلما ما حدث على اثر المواجهة الإعلامية بين الجزائر و مصر ، كما استهدفت جريدة الشروق اليومي أكثر من مرة لمثل هذه الحرب .
و لعلّ الأخطر من ذلك الحرب التي التي تهدف إلى تعطيل أنظمة تشغيل الاتصالات و المياه و الكهرباء و حتى الصناعات المرتبطة بها و كذا المصارف و المراكز المالية ، و حسب وزارة الدفاع الأمريكي أنه يمكنها أن تؤثر مباشرة على الأفراد حيث أكد الباحث المعلوماتي الأمريكي تادايوشي كهنوا أنه يمكن من خلال الانترنت شن هجوم يؤدي إلى تعطيل الأجهزة المساعدة لانتظام نبضات القلب و بالتالي إلى قتل جميع الذين يحملون هذه الأجهزة .
و القيام بمثل هذه الحرب لا يتطلب تكاليف باهظة ، بل خبرة عالية و مهارات و تحكم في التكنولوجيا ، كالحصول أو شراء ألاف عناوين المواقع الالكترونية ثم يتسلل القراصنة إلى المواقع و من ثمة إلى أجهزة الكمبيوتر غبر رسائل و زرع ملفات PATCH ثم يقول المتسلل بفتح منفذ –PORT- - داخل الجهاز المعني عن طريق IP الذي هو عنوان خاص بمستخدم الانترنت .
إن التحكم بالتكنولوجيا و المعرفة هي سر من أسرار تقدم هذه الدول و سعيها إلى تطوير منظوماتها المعلوماتية و هذا التطور و الزخم ناتج عن التقدم الحضاري و من دون شك انه و إن لم تقم حرب الكترونية مباشرة بمثل الفرضية السابقة للمستشار الأمريكي ألا أن الغلبة تبقى في مختلف مناحي الحياة و خاصة الصناعية – لأبجديات اللغة الالكترونية التي تدير حياة الأمم بطريق أو آخر ، و لعلّ ريتشارد كلارك محق لأنه يريد فرض هيمنة أمريكية شاملة تجعل من العالم قرية الكترونية و تجعل النظام الالكتروني و المعلوماتي الأمريكي أكثر أمنا و نجاعة في القرن الواحد و العشرين .
و لذلك اتخذت الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة اوباما و وزير الدفاع روبرت غيتس هذا الأسبوع قرارا بضرورة إنشاء قيادة خاصة لمواجهة انتهاكات الانترنت و ذلك انطلاقا من شهر أكتوبر 2010 المقبل . و رسم إستراتيجية مستقبلية ، يمكن من خلالها السيطرة على مجال المعلوماتية و توظيفها .