Dr - BAIZID YOUCEF - WEB SITE
  مذكرات هامفر
 

مذكرات همفر الجاسوس البريطاني عن محمد بن عبد الوهاب هل هي افتراء ؟

 

بقلم : بيزيد يوسف .

 

بعد أكثر من قراءة  لمقال " قصة محمد ين عبد الوهاب مع صفية البريطانية "  و عنوانه " مذكرات همفر و هو الجاسوس البريطاني الشهير الذي التقى بمؤسس الحركة الوهابية الضال محمد بن عبد الوهاب " الذي أعدته فضيلة بوسحال في جريدة الحوراء و  التي عهدنا فيها الكثير من فضاءات الحرية الإعلامية ،استوقفتني جملة من التساؤلات المنهجية و العلمية حول طبيعة هذا الملف الملفّق لغرض ما دون ريب لأن العنوان يوحي بالكثير .. الـكثير ، لأنه حسب علم أهل السنة و الجماعة بمختلف مذاهبهم لم يكفّر أو يضلّل أحد منهم محمد بن عبد الوهاب بل اعتبروه من السلف الصالح ،و على أي حال مهما كان الاختلاف المذهبي أو العقائدي فإنه لا يحقّ لأحد  أن يحكم بضلالة هذا المذهب أو الحركة غير أهل العلم و من هنا فإن الكاتبة تتحمّل الكثير من المسؤولية التاريخية و العلمية و حتى العقائدية  حول نقل أو كتابة هذا العنوان الذي نستغربه في بلد سني مالكي المذهب و هو دون شك لهدف مبيّت ،، و قد لا نستغرب ملفها المزعوم في هذا العصر الذي ظهرت فيه البدع و الفتن كيف لا ، و ها هو الفاسق خاسر الخبيث الذي رفعت عنه الجنسية الكويتية  يلعن و يسب أم المؤمنين رضي الله عنها عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه  من منطلق شعوبي رافضي ، و قد تبرأ من كلامه أخيرا  أعلى مرجع شيعي علي خامينائي و الذي صرح في صلاة الجمعة  ليوم 01 اكتوبر 2010 ، مؤكدا أنه يحرّم المساس بالصحابة و رموز أهل السنة و الجماعة .

 و رجوعا إلى  المقال المذكور و انطلاقا من المعطيات التي تشير إليها الكاتبة كمرجع و هي مذكرات همفر الجاسوس و علاقته بمحمد بن عبد الوهاب رحمه الله ، حاولت جاهدا أن أبحث و أنقب عن المراجع وعن هذه المذكرات و توصلت إلى العثور على بعضها و هي نسخ مصورة لما وصف بمذكرات همفر الجاسوس و التي هي دون شك خالية من الصحة انطلاقا من التمحيص التاريخي ، فهي لا تعد مرجعا علميا في المكتبات الغربية في حد ذاتها ، و لا ينصح باستعمالها ، ثم أن همفر هذا نكرة مجهول الهوية ، و كان همه على ما يزعم نشر الفرقة بين المسلمين و ها نحن بعد عقود من الزمن نجد من يسوّق و ينشر أفكاره المسمومة

للأسف .

و  بالدراسة العلمية التي تبتعد عن الخرافات و القصص الحمراء و الصفراء

و انطلاقا من هذه الآلية يمكننا أن نعدّد التناقضات الموجودة في هذا الكتاب الذي يشكّك حتى في الصحابة و لا يتوانى عن وصف معاوية رضي الله عنه بالسكير و إن كان يزيد بن معاوية قد عرف بفسقه عند الكثير ، فهذا لم يعرف عن معاوية رضي الله عنه و رغم الخلاف التاريخي بين الإمام علي كرّم الله وجهه و معاوية رضي الله عنه ، إلا انه لا يمكن الطعن في الصحابة بهذه الطريقة الخبيثة

و على كل بمنطق علمي و تاريخي يمكن تعداد مآخذ هذا الكتاب و هي ما يلي :

أولا : لا توجد نسخة أصلية أبدا لكتاب يدعى مذكرات همفر.

عند تتبع  التواريخ المذكورة يظهر لنا أن همفر لما التقى بالشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله كان عمر  محمد بن عبد الوهاب الافتراضي وقتئذ عشر سنين.

 ورد في المذكرات أن همفر كان يشرب معه الخمر . وأن همفر أخذ به إلى السفارة البريطانية في الجزيرة، مع أنه لم يكن هناك أي سفارة بعد.

 في المذكرات ص30 أن همفر تعرف على شاب كان يتردد على هذا الدكان يعرف اللغات الثلاث التركية والفارسية والعربية، كان في زي طلبة العلوم الدينية وكان يسمى محمد بن عبد الوهاب وكان شابا طموحا للغاية ..انتهى

 ذكر في ص13 أن وزارة المستعمرات البريطانية أوفدته إلى الآستانة ـ مركز الخلافة الإسلامية ـ سنة 1710 م = 1122هـ

 ذكر في ص18 أنه مكث في الآستانة سنتين ثم رجع إلى لندن حسب الأوامر لتقديم تقرير مفصل عن الأوضاع في عاصمة الخلافة.

 ذكر في ص22 أنه مكث في لندن ستة أشهر.

 ذكر في ص22 أنه توجه إلى البصرة وأخذت منه الرحلة ستة أشهر. وفي أثناء وجوده في البصرة التقى بالشيخ محمد بن عبد الوهاب . فيكون مجموع التواريخ الماضية هو 1713م أي سنة 1125 هـ فيكون عمر الشيخ محمد بن عبد الوهاب وقت لقاء همفر به عشر سنين !!! وهذا واضح جدا في بطلان هذه المذكرات جملة وتفصيلا.

 ثانيا : ذكر في المذكرات ص100 أن محمد بن عبد الوهاب أظهر دعوته في سنة 1143هـ وهذا تناقض واضح حيث إن تاريخ إعلان الشيخ رحمه الله دعوته هو نفس التاريخ الذي توفي فيه والده وهو سنة 1153هـ.

 ثالثا : إن موقف الحكومة البريطانية من دعوة محمد بن عبد الوهاب ليس التأييد والدعم وإنما هو العداء والمحاربة. وهذا معروف حتى في المقررات السابقة

في كتب التاريخي المدرسي الجزائري عن الحركة الوهابية  .

 رابعا : لا نجد ذكرا لهذه المذكرات في تاريخ الحركة الوهابية و لا حتى عند

المؤرخين الأكاديميين الغربيين رغم حرص أعداء هذه الدعوة الوهابية على تشويهها ونشر كل ما يسيء إليها وخروجها في هذا الوقت المتأخر دليل على افترائها وتلفيقها.

 خامسا: همفر هذا نكرة لا يعرف فأين هي المعلومات التفصيلية عنه من حيث اسمه ورتبته وما يتعلق بوظيفته ومهمته من كتب ووثائق الحكومة البريطانية ؟؟!! . و هذا عكس لورانس العرب الذي تتوافر عنه الكثير من المعلومات و لم تنفي المخابرات البريطانية دوره كجاسوس .

 سادسا :إن الذي يقرأ هذه المذكرات يجزم بأن مؤلفها ليس نصرانيا لوجود كثير من العبارات التي فيها الطعن والانتقاص بالدين النصراني والإنجليز أنفسهم وبعض العبارات التي فيها مدح الإسلام من ذلك على سبيل المثال انظر ص 14،15،16،24،26،48،50،66.

سابعا : النسختان المطبوعتان ترجمة لهذه المذكرات لم يذكر فيهما أية معلومات عن هذه المذكرات من حيث النسخة الأصلية التي ترجمت عنها وهل هي مطبوعة أم مخطوطة ؟ وبأي لغة ؟

 ثامنا : المترجم نكرة ففي النسخة لم يذكر عنه أي شيء وفي النسخة ب رمز لنفسه بـ {د.م.ع.خ} ؟.

 تاسعا : كثرة الفروق بين النسختين المترجمتين وبعضها فروق جوهرية .

 عاشرا : في النسخة ب تاريخ ترجمة هو 25 حزيران 1990 فهل مثل هذه الوثائق المهمة تبقى حبيسة ولا ترى النور إلا بعد وفاة الشيخ محمد بن عبد الوهاب .

 الحادي عشر : اتفقت النسختان على كتابة تاريخ 2/1/1973 في نهاية المذكرات وهذا التاريخ لا يعرف ما هو : هل هو تاريخ كتابة هذه المذكرات من همفر كما هو ظاهر !!! وهذا يؤكد كذب هذه المذكرات إذ أن وفاة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله قبل هذا التاريخ بــ 179 عاما !! أم هو تاريخ افتراء واختلاق هذه المذكرات ؟!!

و كذا يقال عن قصة ما ذكر بعلاقاته مع صفية البريطانية و التي تؤكّد أنها محاولات يائسة للنيل من هذا الرجل الذي حارب عبدة القبور و أهل البد و

الفتن التي نخرت كيان الأمة الإسلامية في فترة من أحلك فترات تاريخها .

و لذا يمكن القول بان هذه القصص المنتحلة لا يمكن الحكم عليها بضلالة هذا الرجل و إنما هي محاولات لتشويه تاريخ المسلمين و يجب الوقوف عندها بجدية

و على من يريد البحث في التاريخ الإسلامي بدل الهدم أن يحاول التأسيس لتوحيد المسلمين لا الطعن في مرجعياتهم سواء السنية منها أو غيرها .

و لا أحسبني أجد بدا من القول أن هناك فرق في العداوة للحركة السلفية سواء من منطلق ديني أو سياسي و بين تزوير أحداث التاريخ أو تاريخ شخصيات محدّدة و ذلك انطلاقا من منطق لا يستند إلى الحجة الدامغة أو الدليل الثابت و قد عهدنا الكثير من التزوير و التلفيق حتى  في كثير من الأحاديث التي مسها الانتحال و الموضوع و الإسرائيليات و كذا  الكثير من السير ، و لذا كان علم التعديل و التجريح في الأحاديث ،،

كما يمكن للكثيرين أن يختلفوا مع الحركة السلفية في تفكيرها و منهجها على أن يكون باب الاختلاف منطلقا من الحوار في العقيدة و الفكر  أما أن يتطور الخلاف

إلى التشكيك في تاريخ المسلمين الأحياء منهم و الموتى فهذا أمر مختلف .

و أن ينقل ما يكتب من المستشرقين و المستغربين عن أعلام الأمة الإسلامية دون تمحيص فهو كذلك لعمري أمر ليس بالهيّن .


 
  عـــداد الـزوار 36487 visitors -Copyright.....WWW.BAIZID-YOUCEF.FR.GD  
 
WWW.BAIZID-YOUCEF.FR.GD --------- All rights reserved --------- Tous droits réservés--------كل الحقوق محفوظة لصاحب الموقع ------BAIZID YOUCEF Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement